جابر حسين العُماني
من أهم القيم الإنسانية النبيلة التي ينبغي على الإنسان الحفاظ عليها هي انتماؤه للوطن، وارتباطه بالأرض التي نشأ وترعرع عليها، وبالمجتمع الذي احتواه واحتضن أحلامه، والهوية التي شكلت شخصيته الأسرية والاجتماعية.
والوطن لا يُعرف بالأنظمة والقوانين المنتشرة فيه وحسب، وإنما يُعرف بسواعد أبنائه الكرام الذين يتفقون دائمًا على حبه وخدمته وحمايته، والعمل المستمر بإخلاص ووفاء من أجله. ولا يُقاس المواطن الحقيقي بكثرة الشعارات البراقة بين الحين والآخر؛ بل بالأثر الإيجابي الذي يتركه في خدمة وطنه ومجتمعه.
ومن هذا المنطلق ينبغي أن يتحلى المواطن الناجح بجملة من الصفات الوطنية الطيبة التي من أبرزها ما يلي:
أولًا: أن يُحافظ على قيمه ومبادئه المستمدة من دينه وعروبته الأصيلة، والتي من أهمها الأخلاق الفاضلة، وذلك بالتحلي بالنزاهة والصدق والإخلاص والوفاء، وتقديم مصلحة الوطن فوق المصالح الشخصية، قال الإمام علي بن أبي طالب: (اَلْمُؤْمِنُ مَأْلُوفٌ وَلاَ خَيْرَ فِيمَنْ لاَ يَأْلَفُ وَلاَ يُؤْلَفُ).
ثانيًا: أن يكون صاحب إنجازات ملموسة تصب في خدمة الوطن وأفراده، ويتحقق ذلك من خلال حب إتقان العمل، فلا يكتفي بالأمنيات؛ بل يسعى دائمًا إلى تحويل الأفكار الواعية إلى إنجازات ومفاهيم عملية، يسهم من خلالها اسهامًا حقيقيًا في نجاح الوطن وازدهاره، ورفع رايته براقة في المحافل العلمية والعملية العالمية، وقد روي عن الإمام علي بن أبي طالب إنَّه قال: (مَنْ قَصَّرَ فِي الْعَمَلِ ابْتُلِيَ بِالْهَمِّ).
ثالثًا: أن يكون المواطن من أهل الوعي والثقافة العلمية، بحيث يكون قادرًا على تطوير قدراته العقلية والفكرية باستمرار، وقارئا لتأريخ وطنه وتحدياته، وأن يكون جزءًا فاعلًا في الحلول المقدمة لبناء الوطن وازدهاره ونجاحه.
رابعًا: أن يكون ملتزمًا بالقوانين ومدركًا أن سيادة النظام في حد ذاتها تشكل ركيزة أساسية لنجاح الدول المتقدمة؛ فلا بُد من احترام التشريعات والمساهمة في تعزيزها وترسيخها بين أبناء المجتمع.
خامسًا: أن يكون خادمًا مخلصًا لمجتمعه بحيث يسعى جاهدًا لمساعدة من حوله، مشارِكًا في إنجاح المبادرات المجتمعية ودعمها، ومعززًا لروح التعاون بين أفراد المجتمع، كما يلتزم بتحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقه؛ بما يسهم في بناء وطن خال من المعوقات والتعقيدات.
سادسًا: أن يكون ايجابيًا وملهمًا ودافعًا لمن حوله للعمل والبناء بلا كسل أو ضجر أو ملل، وأن لا ينشر الاحباط أو السلبيات بين الناس؛ فتلك صفات تضعف قدرة المواطن على المساهمة في بناء وطنه وازدهار أرضه، فعليه أن يفكر دائمًا بالأجيال القادمة وأن يسعى لأن يكون أحد صناع نجاحها الذين اجتهدوا وبذلوا من أجل مستقبل وطن مشرق، وكما قيل في الأمثال العربية: "أنظر أمامك ولا تنظر تحت قدميك".
اليوم ونحن نحتفل بالأيام النوفمبرية المجيدة في يومنا الوطني، فإننا نُجدِّد ولاءنا لوطننا العظيم الذي منحنا الانتماء والهوية، والأمن والاستقرار والاطمئنان، نجدد العهد الذي قطعناه على أنفسنا بأن نكون أهلًا للإخلاص والوفاء قولا وعملا، لوطن يستحق ان نكون له دروعًا حصينة.
لقد عُرِفَ وطننا عُمان بحكمة قيادته التي ما فتئت تولي الإنسان عناية خاصة، منتهجةً بذلك سياسة قوامها السلام والاحترام المتبادل مع الجميع، وبفضل ذلك أصبح النهج العُماني صوتًا واضحًا للعقلانية والرزانة والحكمة الاجتماعية الدولية في الساحتين العربية والاسلامية.
ختامًا.. أسعد الله أيامكم ولياليكم، وجعلني الله وإياكم من الثابتين على حب الحبيبة عُمان وقائدها المُفدّى وأهلها الكرام.
حبيبةُ قلبي عُمان الأمان // بك الفخرُ لي وهو روحُ الزمان
لساني قصيرٌ بمدحِ الذي // عليكِ رأيتُ كما يستبان
فعذرًا عُمان فقلبي ابتلي / بعشقكِ والعشقُ سامي المعان.
** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
